الفقه في اللغة: الفهم ومعناه شرعا معرفة الأحكام الشرعية بأدلتها من القرآن الكريم والسنة المطهرة والإجماع والقياس الصحيح.
والأحكام الشرعية خمسة:
1- الواجب يثاب فاعله ويعاقب تاركه.
مثل الصلاة والزكاة والصوم والحج والبر الوالدين وصلة الأرحام والإحسان إلى الجيران والصدق في الحديث وأداء الأمانة ونحو ذلك.
2- الحرام ضده يثاب تاركه ويعاقب فاعله مثل الزنا والسرقة وشرب الخمر وعقوق الوالدين وقطيعة الأرحام والمعاملة بالربا وحلق اللحى وشرب الدخان وتصوير ذوات الأرواح من الأدميين والبهائم ونحو ذلك.
3- المسنون ومثله المستحب والمندوب يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه مثل نوافل الصلاة والصدقة والصوم والحج والذكر والدعاء والاستغفار.
4- المكروه ضد يثاب تاركه ولا يعاقب فاعله مثل تقديم اليسار عند دخول المسجد واليمين عند دخول الحمام وفرقعة الأصابع في الصلاة وتشبيكها.
5- المباح فعله وتركه سواء مثل فضول الأكل والشرب والنوم والمشي.
وينقسم الواجب إلى فرض عين يطلب حصوله من كل مسلم بالغ عاقل مثل أصول الإيمان الستة وأركان الإسلام الخمسة، وإلى فرض كفاية يطلب حصوله من عموم المسلمين إذا قام به بعضهم سقط الإثم عن الباقين كتعلم العلوم والصناعات النافعة والجهاد والأذان والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وكل ما فيه مصلحة خالصة أو راجحة أمر به الإسلام وكل ما فيه مفسدة خالصة أو راجحة نهى عنه.
وقد أباح الله لنا كل طيب نافع وحرم علينا كل خبيث أو ضار لأجسامنا وعقولنا وأموالنا رحمة بنا وإحسانا إلينا، قال الله تعالى: في وصف نبينا محمد r }وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ{ [الأعراف: 157] وقال تعالى: }هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا{ [البقرة: 29] وقال: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا للهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ{ [البقرة: 172].
ويجب على كل مسلم مكلف أن يتعلم من الفقه كل ما يحتاج إليه في عباداته ومعاملاته ليعبد الله عن علم وليكون على بصيرة من أمره وليفهم كيف يصلي؟ وكيف يزكي وكيف يصوم وكيف يحج وكيف يبيع وكيف يشتري؟ فلا يعذر أحد بالجهل لأن الله ركب فينا العقول وأرسل الرسول وأنزل القرآن وقامت حجة الله على عباده ومن لا يستطيع أن يتعلم فليسأل أهل العلم.
قال تعالى: }فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ{ [النحل: 43] ويجب على المسلم أن يتعلم العلم والفقه في دين الله ثم يعمل به ويدعو إليه ويصبر على ذلك قال تعالى: }وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ{.
وقال تعالى: }فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلهُمْ يَحْذَرُونَ{ [التوبة: 122].
فالعلم بما يجب لله على عباده فرض عين إما بقية أنواع العلوم كعلوم الصناعة والزراعة والطب والهندسة وعلم القضاء والإفتاء فهذه فرض كفاية.
وقال النبي r: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين» يعني يوفقه للعلم والعمل به، والحديث متفق عليه.
ومفهوم الحديث أن من لم يرد الله به خيرًا أعرض عن طلب العلم النافع والعمل به فأصبح من الخاسرين، قال العلماء وطريقة التفقه في الدين أن يحفظ الطالب في كل فن أصلا يبني عليه فأول ذلك يفهم القرآن الكريم وما فيه من الأوامر فيمتثلها والنواهي فيجتنبها ثم السنة المطهرة يحفظ فيها مختصرًا ككتاب (عمدة الأحكام في أحاديث خير الأنام) ثم يحفظ مختصرا في الفقه مثل (عمدة الفقه) عند الحنابلة (وقرة عيون الأبصار) عند الأحناف ومختصر خليل عند المالكية ومختصر المزني أو منهاج الطالبين للنووي عند الشافعية ومورد هذه المذاهب وهذه الكتب واحد وهو القرآن والسنة وغالبها متفق عليه ولله الحمد وإنما اختلفوا في فهم بعض النصوص وفي صحتها وضعفها وكلهم مجتهدون، رحمهم الله تعالى وغفر لنا ولهم.
اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك في ما كانوا فيه يختلفون اهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.
وصلى الله على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه وسلم([1]).